يعكس بيان القرار الحرّ التحديات التي مرت بها تونس منذ بداية أحداث 17 ديسمبر 2010، عندما انطلقت انتفاضة شعبية ضد منظومة فساد مستشرية حكمت البلاد لعقود. ورغم فترة “الانتقال الديمقراطي” التي تلت سقوط النظام السابق، فإن هذه المرحلة لم تحقق تطلعات الشعب التونسي في العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية، بل أدت إلى انتكاسات سياسية واجتماعية، وازدياد في الفساد والتبعية الاقتصادية. هذه الظروف خلقت مشاعر الإحباط والغضب لدى المواطنين، مما أسفر عن انتفاضة جديدة في 25 جويلية 2021، التي كانت بمثابة نقطة تحول هامة في مسار ثورة الشعب التونسي.

نؤمن بأن استعادة السيادة الوطنية للشعب التونسي هي السبيل الوحيد لتصحيح هذا المسار. نسعى لتعزيز استقلال القرار السياسي والاقتصادي، مما يعني مقاومة التدخلات الأجنبية التي تفرض سياسات تهدف إلى خدمة مصالح دولية على حساب مصلحة الشعب التونسي. تونس يجب أن تتخذ قراراتها بحرية، دون التأثر بأي ضغوط أو تأثيرات خارجية. كما ندعو إلى إصلاحات جذرية تشمل تحديث الجيش الوطني ليتمكن من حماية السيادة الوطنية في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، عبر تعزيز قدراته العسكرية والتكنولوجية. نؤكد أيضًا على أهمية ترسيخ الهوية الوطنية من خلال نشر الثقافة التونسية وتعليم تاريخ البلاد وموروثها الحضاري للأجيال القادمة، مما يعزز الانتماء الوطني ويؤكد على وحدة الشعب.

نركز على تعزيز السيادة الاقتصادية عبر السيطرة على مواردنا الوطنية وضمان استغلالها بما يخدم مصالح الشعب التونسي. تشمل سياساتنا الاقتصادية مراجعة عقود الاستثمارات الكبرى، لضمان مساهمتها في التنمية المستدامة للبلاد وتوفير فرص عمل حقيقية للطبقات الشعبية. كما نولي أهمية كبيرة لتطوير التعليم والتكوين المهني بما يتماشى مع احتياجات السوق المحلية والعالمية، وذلك لتحسين مهارات المواطنين وتمكينهم من مواجهة التحديات الاقتصادية. وندعو أيضًا إلى مكافحة الفساد بحزم، من خلال تنفيذ سياسات ناجعة وصارمة تحقق الشفافية والمساءلة على كافة المستويات.

نؤمن بأهمية تنفيذ سياسات اجتماعية تضمن العدالة الاجتماعية وتحمي الحقوق الاقتصادية للمواطنين، عبر تحسين الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والنقل. نسعى لبناء نظام اجتماعي يحمي الفئات الضعيفة ويضمن كرامة كل فرد في المجتمع التونسي عبر شبكة حماية اجتماعية شاملة. فيما يتعلق بالعلاقات الدولية، نؤكد على ضرورة بناء شراكات استراتيجية قائمة على مصلحة تونس واستقلالها، مع دعم القضايا العادلة في العالم، بما في ذلك القضية الفلسطينية ومكافحة التطبيع مع الكيان الصهيوني.نعتبر أن التجارب الحزبية السابقة ساهمت في تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية بسبب التمحور حول الزعامات الفردية، الخطابات الكاذبة، والتحالفات غير المبدئية التي خدمت مصالح ضيقة على حساب الشعب. هذه الأمراض أدت إلى تدهور الوضع في البلاد وزيادة الانقسامات، مما يجعلنا نرفض إعادة إنتاجها. نسعى في مبادرة القرار الحر إلى تبني نموذج سياسي جديد يقوم على الشفافية والمصلحة العليا للبلاد، والممارسة الديمقراطية الحقيقية التي تضع الحرية والعدالة والسيادة الوطنية في صميم أهدافه، بعيدًا عن الحسابات الشخصية. نحن نؤمن بأهمية توحيد الشعب التونسي حول قيم الوطنية والمواطنة، وندعو للعمل الجاد لاستعادة كرامة تونس وبناء مستقبل أفضل بعيدًا عن الفساد والتبعية، من خلال التمسك بسيادتنا الوطنية والعمل لمصلحة شعبنا أولًا وأخيرًا.

القرار الحرّ،
الولاء للوطن والسيادة للشعب.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *